لم تنجُ الشركة العامة للكهرباء كغيرها من المؤسسات الحكومية الأخرى في ليبيا من التأثر بالخلافات والتجاذبات السياسية في البلاد، التي أدت إلى انقسام عديد من المؤسسات السيادية في الدولة، وأثرت تأثيرا سيئا على سير العمل فيها، وألقت بظلالها على الشركة. وتُعدّ شركة الكهرباء من أكبر القطاعات في ليبيا، وتضم عشرات الآلاف من الموظفين، ولها فروع في معظم المدن، وقد أنشئت في عام 1984م، وتتولى تنفيذ جميع المشاريع في مجال الكهرباء، بالإضافة إلى إدارة وتشغيل وصيانة محطات تحلية المياه في جميع المناطق. بداية الأزمة كانت بداية النزاع على إدارة الشركة العامة للكهرباء، في 16 يوليو الماضي، عندما أعفى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني مجلس إدارة شركة الكهرباء برئاسة عبد السلام الترهوني ومديره التنفيذي عبد الحكيم إلياس وجميع أعضاء الإدارة. وعقب هذا القرار القاضي بإعفاء مجلس إدارة شركة الكهرباء، أنشأ المجلس الرئاسي لجنة تسييرية مؤقتة لإدارة الشركة برئاسة عبد المجيد محمد حمزة وعلي ساسي مديرا تنفيذيا، وعضوية خمسة آخرين، ووكلت إليها كافة الصلاحيات والاختصاصات. حكم قضائي وفي نهاية أكتوبر الماضي، أصدرت محكمة استئناف طرابلس قرارا بحل اللجنة التسييرية المكلفة من المجلس الرئاسي، بعد تقديم إدارة الشركة العامة للكهرباء المكلفة من قبل حكومة الإنقاذ الوطني، دعوى قضائية بعدم قانونية تشكيل هذه اللجنة. واستنادا على هذا الحكم القضائي القاضي بحل اللجنة التسييرية المكلفة من المجلس الرئاسي، عاد مجلس إدارة الشركة المكلف من قبل رئيس الجمعية العمومية خليفة الغويل لممارسة مهامه في إدارة الشركة بعد أكثر من أربعة أشهر من قرار إعفائه الصادر من المجلس الرئاسي. جمعية عمومية للرئاسي إثر حكم محكمة استئناف طرابلس بحل اللجنة التسييرية المشكلة من قبل المجلس الرئاسي، قرر فايز السراج، في الثامن من هذا الشهر، تكوين جمعية عمومية لشركة الكهرباء برئاسته وعضوية نائبيه فتحي المجبري وعبد السلام كجمان وأربعة أعضاء آخرين. وأنشأت هذه الجمعية العمومية بموجب قرارها الصادر في 24 من الشهر الجاري، مجلس إدارة لشركة الكهرباء برئاسة عبد المجيد محمد حمزة، وهيئة لمراقبة الشركة برئاسة ميلود أحمد خليفة. واعترض النائب بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق علي القطراني، في بيان له، على قرار تكوين جمعية عمومية بحجة أنه لم يُدعَ لحضور التصويت على هذا القرار، معتبرا إياه إخلالا بالشرعية القانونية والدستورية وإخلالا بالاتفاق السياسي. وطالب القطراني، مجلس إدارة شركة الكهرباء التابع للجمعية العمومية المشكلة بموجب قرار حكومة الإنقاذ الوطني رقم لعام 2016، بالاستمرار في عملها كونها الشرعية بحسب حكم محكمة شمال طرابلس، وذلك حفاظا على المصلحة العامة والمال العام، ولما تمر به الشركة من ظروف استثنائية. اتهامات مدير دائرة الإعلام بشركة الكهرباء محمد التكوري، أوضح أن مجلس إدارة الشركة برئاسة محمد عكيكة المكلف من الجمعية العمومية برئاسة خليفة الغويل، يمارس مهامه بصورة اعتيادية، وهو من يقوم بتسيير عمل الشركة وإدارتها حاليا، بناء على حكم محكمة شمال طرابلس. ورأى التكوري في تصريحه لأجواء نت، أن قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني تكوين جمعية عمومية لشركة الكهرباء برئاسة فايز السراج؛ تجاوز قانوني، حسب قوله. في المقابل، اعتبر الناطق باسم المجلس الرئاسي أشرف الثلثي، حكومة الإنقاذ الوطني حكومة غير شرعية وقراراتها غير قانونية، ولا تملك أي دور، ولا علاقة لها بالكهرباء ولا غيرها، قائلا: "إن ما تقوم به حكومة الإنقاذ هي عبارة عن مناورات ونتقبلها كأخطاء من إخوة ليبيين"، حسب تعبيره. وأوضح الثلثي لأجواء نت، أن الجمعية العمومية التي يرأسها رئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل غير قانونية، مؤكدا أن الجمعية العمومية للشركة العامة للكهرباء يرأسها فايز السراج، وأن الشركة تتبع للمجلس الرئاسي. من جهة أخرى، قال رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء محمد عكيكة المكلف من الجمعية العمومية برئاسة خليفة الغويل: إن الجمعية العمومية التي كوّنها المجلس الرئاسي تعد باطلة وفق الاتفاق السياسي الذي ينص على تشكيل مجلس الوزراء لحكومة الوفاق الوطني الذي بدوره يتكفل بتشكيل جمعيات عمومية لشركات ومؤسسات الدولة. الشركة تنأى بنفسها وأضاف عكيكة لأجواء نت، أن الشركة العامة للكهرباء بكافة فروعها في جميع أنحاء ليبيا تتبع لإدارته وتتواصل معها باستمرار، وأنها تتعاون وتتواصل أيضا مع الحكومة المؤقتة في البيضاء. وأكد عكيكة، أن الشركة العامة للكهرباء تنأى بنفسها عن التجاذبات السياسية الحاصلة في البلاد؛ لأنها ملك وحق لكل الليبيين، مطالبا جميع الحكومات بمنح استحقاقات الشركة والتكفل بالتزاماتها، وسداد ديونها المالية. وبيّن رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء المكلف من الجمعية العمومية برئاسة خليفة الغويل، أن إدارته قد طالبت المجلس الرئاسي بتسديد ديون الشركة وتسييل مبلغ مالي لها، ولكنه رفض ذلك، حسب قوله. وتعاني الشركة العامة للكهرباء من تراكم الديون المالية التي بلغت نحو مليار و300 مليون دينار إلى غاية هذا العام، كما يشكوا موظفو الشركة في جميع أنحاء البلاد من تأخر مرتباتهم لأشهر عدة، وفق ما ذكر محمد عكيكة. وبعد كل هذا النزاع والجدال حول أحقية إدارة الشركة العامة للكهرباء؛ يبقى السؤال مفتوحا حول ما مدى تأثر الشركة وخدماتها التي تقدمها للمواطنين؟ ومدى تأثر وضعها المالي الذي أرهقته الديون المتراكمة؟..
تابعوا جميع
اخبار ليبيا و
hov اخبار ليبيا
تابع القراءة